سحب الأسلحة من منطقة الدونباس: حقيقة واقعية أم استهلاك إعلامي؟

سحب الأسلحة من منطقة الدونباس: حقيقة واقعية أم استهلاك إعلامي؟
اتفاقية مينسك بعيدة عن واقع الميدان في الدونباس
نسخة للطباعة2015.08.05

طرفا النزاع في أوكرانيا يعلنان في كل مرة عن إستعدادهما لسحب الأسلحة من منطقة الدونباس، ولكن على الأرض لا أحد منهما يستعجل لفعل ذلك!

وبرغم التقارب الكبير في وجهات النظر للتخفيف من حدة النزاع سياسيا، لكن عسكريا يبقى المبتغى بعيد المنال، في ظل حديث "الطرشان" بين الآلات الحربية، التي توسع دائرة إستهدافاتها في كل مرة، رافعة سقف القتلى الى حدود مخيفة، قد تقتل معها كل الأمل في تطبيق ما تم الإتفاق عليه "بشق الأنفس" في لقاء رباعية النورماندي.

صحيفة "دي فيلت" الألمانية الشهيرة تحلل واقع إتفاقية مينسك في الميدان من خلال ممارسة الأطراف الفعلية التي تقود جبهة القتال في الدونباس.

بالكلمات، الكل مع السلم: يظهر كل طرف من المشاركين في عملية المحادثات التي تجري بمينسك مساهمته الكبيرة في إنجاح العملية السياسية. لكن ومن خلال الصراع في شرق أوكرانيا، أصبح من الواضح أن مينسك ودونيتسك بعيدتان عن بعضهما ليس جغرافيا فحسب ولكن سياسيا أيضا.

فما يتم  التوافق عليه في مينسك، لا مجال لتحقيقه على أرض الواقع . فبعد التوصل إلى اتفاق في فبراير الماضي  بوقف تام لإطلاق النار، أصبح القتال أكثر كثافة  و تراجع أحيانا في وقت لاحق (بغض النظر عن الاتفاقيات التي أبرمها الدبلوماسيون في مينسك)، و الأسلحة الثقيلة لم يتم سحبها من خط الجبهة.

" نوع خاص" من سحب الأسلحة: الانفصاليين في شرق أوكرانيا أعلنوا في نهاية الأسبوع الماضي عن سحب الأسلحة من خط الجبهة، ولمراقبة هذه العملية تم  دعوة صحفيين من التلفزيون الروسي وموظفي منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. لكن هاته الأخيرة لم تستطع التأكد من أن ما قام به الإنفصاليون هو"سحب للأسلحة".

في قراءة لتقرير منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في الـ19 يوليو الماضي لم يوجد قول بسحب الأسلحة. في قرية لازوفي رأى المراقبون تحرك ثلاثة عربات عسكرية من نوع T-64في اتجاه الجنوب على بعد 1.28 كيلو متر، وتوقفوا في الغابة القريبة من هذه القرية.

في  قرية نوفالاسبا رأى المراقبون أيضا تحرك أربع ناقلات جند مدرعة نحو الشرق بمسافة 4.3 كيلومتر، وتوقفت أيضا في نفس الغابة.

هذا الأمر يعطي الإنطباع بأن هذه الإجراءات لم تكن سوى للإستهلاك الإعلامي، ومن أجل تبيان أن قادة لوهانسك ودونيتسك يسعون للسلام.

 فمن أجل القول بأن هناك سحب للأسلحة لا يكفي  إرسال الدبابات خلف الغابة وراء أضواء الكاميرات المشتعلة.

الإتفاق الذي جرى في فبراير الماضي حول سحب الأسلحة تضمن أن يحصل مراقبوا منظمة الأمن والتعاون الأوروبي على قائمة الأسلحة الثقيلة الموجودة لدى كلى الطرفين وأماكن تواجدها. وعدم تحديد قيود في هذه الأماكن لمراقبي المنظمة، من أجل القيام بعملية التفتيش للتأكد بأنه قد تم سحب الأسلحة من خط الجبهة فعلا.

القتال مستمر: السيناريو هذا لا يمكن أن يشكل ضمانة للسلام. فمن الناحية النظرية كان ينبغي على مراقبي منظمة الأمن والتعاون الأوروبي منذ فبراير الماضي  الوصول إلى مناطق تخزين الأسلحة. لكن تقرير الـ 19 يوليو/تموز ، أكد في هذا الصدد، بوجود قيود معينة.

ممثلي منظمة الأمن والتعاون أرادوا  زيارة اثنين من مواقع تخزين الأسلحة للإنفصاليين. لكن في المكان الأول  الذي  أرادوا فيه  التحقق من الأرقام التسلسلية للمدافع المضادة للدبابات، لم يستطيعوا  الوصول. وفي المكان الثاني، لم يجدوا إحدى القذائف هناك.

في الجانب الأوكراني تمكن المراقبون من الوصول الى جميع الأماكن دون قيود لكنهم سجلوا أن بعض قاذفات الصواريخ و المدافع لم تعد موجودة.

إطلاق النار لم يتوقف خلال نهاية الأسبوع، ففي الـ18 يوليو سجل مراقبوا منظمة الأمن والتعاون 112 تفجيرا بمنطقة دونيتسك، مؤكدين أن القصف كان من الجانبين.

ليلة السبت وقع أكثر من 50 إنفجار ، ويوم الأحد 24 إنفجار، لكن الهدوء عاد بعد الظهر قبيل إجتماع مجموعة الإتصال في مينسك.

موقف موسكو: الهدوء  في المنطقة لا يزال هشا. على الرغم من أنه تم  في وقت متأخر  من الأسبوع الماضي إزالة الأسلحة من منطقتين سكنيتين، والإنفصاليون من أماكن أخرى قد قاموا بسحب  بعض الأسلحة الثقيلة.

رأى المراقبون الدوليون أنه في يوم الاثنين تواجدت 21 دبابة في منطقة لوغانسك، في مكان لا يجب أن تكون فيه. كما منع الإنفصاليون عمل واحدة من الطائرات بدون طيار لمنظمة الأمن والتعاون في منطقة دونيتسك.

على الجانب الأوكراني لوحظ عبر الطائرة بدون طيار 17 دبابة ومضادة للطائرات وقاذفة صواريخ قريبة جدا من خط المواجهة.

بعد مضي نحو عام على اتفاق مينسك الأول وبعد ستة أشهر من إبرام اتفاق مينسك الثاني، (وهو الاتفاق الذي يبقى الأمل بالنسبة للغرب) ، الهجمات في شرق أوكرانيا لم تتوقف، و الأرواح مازال تتساقط.  وليس هناك أي ضمانة قوية بأن مزيدا من التصعيد لن يحدث.

التطورات المرتقبة تعتمد أيضا على الاستراتيجية التي ستتخذها موسكو – سواء بتجميد تدريجي للصراع أو إستمررها في الضغط على كييف.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - وكالات - الإعلام المحلي

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022