الاحتجاجات في بيلاروسيا.. المأساة الحقيقية

نسخة للطباعة2020.09.03

إيليا كوسا - خبير في "المعهد الأوكراني للمستقبل"

القليل من السياق الدولي والتفكير في بيلاروسيا للتخفيف من حماس انتصار التيار الواحد.

يجب في هذه الأيام أن تتشكل خلفية للسياسة الخارجية حول بيلاروسيا وملامح معاهدة دولية مستقبلية، التي سيكون من المستحيل دونها حل الأزمة.

بدأت في فيينا في قصر نيدروستريتش الجولة الثانية من المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الأمن والاستقرار الاستراتيجيين بمشاركة وفود ضخمة من الجانبين.

القضية الرئيسية المطروحة على جدول الأعمال هي توقيع اتفاقية "ستارت 3" الاستراتيجية الجديدة لخفض الترسانة النووية لكلا البلدين، وكذلك تمديد أو إعادة صياغة اتفاقية ستارت الموقعة في عام 2011 بين ميدفيديف وأوباما، التي سوف تنفذ مدتها في عام 2021.

من المثير للاهتمام أن هذه المحادثات قد تؤثر بشكل غير مباشر على بيلاروسيا، وهو ما ألمح إليه الجانبان قبل المحادثات.

ألقت الاحتجاجات التي اندلعت عقب الانتخابات بظلالها على شرعية لوكاشينكو وأضعفت سلطته بحيث أصبح رهينة الإجماع السياسي الدولي الذي ينتظره الجميع.

عموما، نتج هذا الرابط على حساب التآكل اللاحق للسيادة وعدم توازن العلاقات الاجتماعية الداخلية بين الحكومة والمجتمع في بيلاروسيا. كان هذا، في رأيي، الهدف الأول لروسيا نفسها عشية الانتخابات، الذي تعاملت معه بنجاح.

أما فيما يتعلق بالقوى الخارجية، فليس هناك حشد حتى الآن. فموقف الولايات المتحدة، كما هو معلوم، ما يزال غير محدد تماما. أظهر بيان وزير الخارجية م. بومبيو في المؤتمر الصحفي المشترك مع يا. تشابوتوفيتش بوضوح رغبة الإدارة في العمل بمبدأ "السياسة الواقعية": ندين العنف، الانتخابات تثير التساؤلات، ولكن عموما، نواصل التعاون بدقة حتى لا نفسد إنجازات العام ونصف العام الماضي.

نفس المشاكل في موقف الاتحاد الأوروبي. قد تظهر لدى الاتحاد الأوروبي فرصة لكسر الجمود خلال الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأوروبي يوم الأربعاء الموافق 19 آب/أغسطس، ولكن هذا بالطبع مستوى مختلف عن مستوى مجلس وزراء الخارجية.

أعلنت الصين موقفها بدقة ووضوح في الأيام الأولى من الاحتجاجات لصالح لوكاشينكو. عموما،  المكيدة الرئيسية التي تعنيهم متعلقة بمعضلتهم المشتركة - هل هم مستعدون للتدخل كثيرا وبعمق ومباشرة لحماية استثماراتهم ومواقعهم السياسية في بيلاروسيا؟ الجواب على ما يبدو ليس موجودا حتى الآن، حتى على مستوى المؤسسة الصينية.

من الواضح أن روسيا قد حددت المسار الإعلامي للزعزعة الاجتماعية النفسية، وهذا ما تفعله عبر العديد من القنوات التلفزيونية الحكومية ووسائل الإعلام، لاعبة على خطاب الغرب ومستعيرة طروحاته الرئيسية، وهو أمر مثير وممتع جدا للتحليل والدراسة.

لكنني لن أقول أنه تبلور لديها موقف محدد بشأن ما يجب فعله مع لوكاشينكو. يوجد تحت تصرف روسيا من الموارد والقدرات والأدوات التنظيمية والتقنية أكثر مما هو موجود عند الجميع للتأثير بشكل مباشر على الوضع في مينسك. وجميع اللاعبين الخارجيين يعرفون ذلك.

بالتالي، السؤال الوحيد القائم الآن هو متى وبأي شروط ستتفق روسيا مع الغرب والصين. يجب النظر إلى محادثات فيينا كأحد عناصر هذه المشاورات الواسعة.

المأساة الحقيقية للوضع القائم هي أن الخاسرين الرئيسيين سيكونون البيلاروسيين أنفسهم، الذين لن يتمكنوا من حل أي شيء بمفردهم، وألكسندر لوكاشينكو، الذي حشر نفسه جزئيا في مثل هذا الموقف سيصاب بضعف شديد  وسيضطر لمغادرة الأوليمبوس بشكل أو بآخر، وبشكل أو بآخر لم يعد هذا أمرا مهما.

عموما، يمكن للمعارضة البيلاروسية أن تساعد نفسها قليلا عن طريق إضافة الموضوعية في أعين اللاعبين الخارجيين من خلال توحيد الموارد المالية والسياسية والفكرية المتاحة لهم لتشكيل مركز موحد وقوي لصنع القرار ولتوليد رؤية مستقبلية لقيادة البلاد اللاحقة والتفاوض مع الجهات الفاعلة الموجودة حول بيلاروسيا. الشيء نفسه ينطبق على فريق لوكاشينكو.

إذا نجحوا في ذلك، سيكونون قادرين على فرض كلمتهم في الاتفاقات اللاحقة حول بيلاروسيا. وإلا سيكررون مصير "الثوار السوريين" الذين لم يتمكنوا من إنتاج أي شيء طوال الحرب لإقناع الفاعلين الخارجيين بقدرتهم على أن يصبحوا بديلا حقيقيا لبشار الأسد.

قناة "أوكرانيا برس" على "تيليغرام": https://t.me/Ukr_Press

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022